باكالوريا - محور في الفكر و الفن : في الفكر مشغل العلم و التكنولوجيا تلخيص
محور في الفكر و الفن : في الفكر مشغل العلم و التكنولوجيا تلخيص - بكالوريا
مشغل العلم و التكنولوجيا:
1- العلم :
لا شك أن العصر الذي نعيش هو عصر الثورات التكنولوجية و العلمية. فلا يمر يوم حتى تشهد الإنسانية كشفا جديدا. و يعد العلم من التعابير الثقافية التي اعتمدها الإنسان لفهم الكون و تسيير وجوده فيه و السيطرة على كل أشكال العوائق و المعرقلات و الأمراض و العلل فهي الوسيلة لكشف الحقائق. و لا يسعنا المقام أن نعدد مزايا العلم و فوائده التي عاد بها على الإنسانية فالأمثلة واضحة في ميادين العلم المختلفة و ثماره لا تحتاج إلى تدليل في شتى الميادين كالطب و الفيزياء و الكيمياء و الفضاء و الفلك و المواصلات بحيث ساهم في إدراك الإنسان لذاته إدراكا أفضل و الوعي بكيانه وعيا أكثر نضجا و تبين منزلته في الكون تبينا أرقى و أدق بكل موضوعية العلم و صرامته.
غير أن المسألة التي تشغل الإنسان المعاصر هي توظيف العلم و ما يحدث في المخابر و المؤسسات البحثية و أثر ذلك على الإنسان و في مستقبل البشرية و علاقة هذه الأبحاث بالشركات التجارية. فالكثير من الأبحاث العلمية اليوم تتم تحت مظلة شركات استثمارية تجارية و غاية هذه الشركات الربح الوافر و هذا أثر سلبا في علاقة العلم و الإنسان. نعني أن منتجات العلم صارت غالية الثمن بحيث لا يتمتع بها الفقراء في العالم في الدول التي تعاني الخصاصة و التخلف نتيجة نزعة الاحتكار و الرغبة في الربح الفاحش، فكم من دولة لم يعط لها لقاح أو دواء لمقاومة وباء أو مرض فتمت التضحية بالإنسان في مقابل تحقيق الربح، و كم من أمراض منتشرة في بقاع معينة من العالم خاصة في البلدان الفقيرة مثل إفريقيا السوداء لا تهتم هذه الشركات بالبحث عن دواء لها لأنها تعلم مسبقا أن ربحها سيكون محدودا، فهل يعني هذا أن البحث العلمي صار مرتبطا بغايات تجارية و بنزعة طبقية قائمة على التمييز و العنصرية خدمة للأغنياء و تهميشا للفقراء بحيث جرد البحث العلمي من كل غاية إنسانية أخلاقية لأن هذه الشركات هي التي تحدد مجاله و غاياته . و هذا ليس مقتصرا على البحوث الطبية فحسب بل يتعداها إلى فروع العلم الأخرى، بحيث تستثمر جهود العلماء في صناعة أسلحة الدمار و العتاد الأكثر فتكا بالبشرية قال "أتوهان" لما علم أن طلابه قد ألقوا القنبلة الذرية على هيروشيما و ناكازاكي اليابانيتين :"إنها غلطتي لقد علمتهم العلم و لم لأعلمهم الأخلاق". لقد صار ما يدور في المخابر سرا من أسرار الدول يتعلق بأمنها القومي و في كثير من الأحيان يتم إجراء بحوث و اختبارات تضر بصحة الإنسان و تهدد وجوده من ذلك العبث بالجينات و الاستنساخ، بل هناك من يهتم هذه المخابر العلماء بانتاج فيروسات وإشاعتها بين الناس ثم اقتراح دواء لها لإدارة عجلتها الاقتصادية أو لتخرج من ضائقة مالية، و يذهب كثير من المتشائمين إلى أن البحث العلمي صار تهديدا لوجود الإنسان ذاته لأنه مجرد من الأخلاق و القيم و صار العلم بمثابة الآلة التي تؤدي عملها بلا تساؤل و لا نقد . إن تسلح الباحث العلمي بالقيم و التزامه بالمثل السامية من شأنه أن يسيج النشاط العلمي و يجعل الإنسان يشعر بالأمن و على الدول الغنية ألا تنظر إلى الدول الفقيرة بمنظار الربح و الإستثمار إنما بعين أكثر إنسانية و أخلاقية.
2- مشغل التكنولوجيا:
إن أهم مشغل من مشاغل الإنسان المعاصر إشكالية التكنولوجيا و توظيفها و سنركز حديثنا في الملخص على تكنولوجيا المعلومات، تلك التي يعتبرها أنصارها " تكنولوجيا نظيفة" تبشر الإنسانية بخير وافر إذ هي الأداة التي ستعم المعرفة و تنتشر و يتم كسر الاحتكار و تضيق الفجوة المعلوماتية بين الدول و تجاوز كل أشكال الرقابة على الفكر و التضييق على الحريات و تيسير المعرفة و تقريبها فيختزل الزمان و المكان و تهدم الحدود و المسافات فيكون الاتصال و التواصل و تبادل المعارف و التجارب و الخبرات و يقضي على الجهل و الأمية فتشيع المعرفة و تعم جميع الدول، إنها التكنولوجيا التي سترقي بالعلم و التعليم و بالذات العلوم و بها نختبر الواقع و نستشرف المستقبل إذ ننتجها افتراضيا.
و يمكن القول إن التكنولوجيا المعلومات استطاعت أن تحقق معادلة صعبة فتجمع بين الأكثر كفاءة و الأعلى قدرة و بين الأكثر سهولة في الاستخدام، فكلفة الكمبيوتر و ملاحقاته ليست على درجة كبرى من التعقيد بحيث شبكة الانترنيت في متناول الصغار حتى من محدودي التعليم. على أن هذه الإيجابيات لا ينبغي أن تختفي السلبيات المنجرة عن التكنولوجيا الجديدة. فعوض أن تردم الفجوة الرقمية ازدادت هذه الفجوة اتساعا بين الشمال و الجنوب، بين الدول المتقدمة و الأخرى المختلفة و اتخذت هذه التكنولوجيا وسيلة من وسائل الهيمنة من قبل مصنعيها فنحن نشهد حروبا إلكترونية و معلوماتية بين الدول و إنتاج فيروسات غايتها تدمير هذا البرنامج الاقتصادي أو تلك المنظومة العسكرية لهذه الدولة أو تلك، إننا إزاء حرب من نوع جديد. الحرب الالكترونية و المعلوماتية و قد تكون هذه التكنولوجيا وسيلة للتدخل في سيادة الدول و المس باستقلالها و التجسس عليها. إن هذه التكنولوجيا الجديدة ليست "نظيفة" نظافة تامة كما يدعى أنصارها إنها تحوى "النظيف" و "الدّرن" العميق الجاد و التافه المبتذل،الأخلاقي و غير الأخلاقي و بالنظر إلى قيامها على النظم الافتراضية فإنها تهدد مدمن هذه الأجهزة إذ كثيرا ما يحدث تداخل بين الواقعي و الافتراضي فتضيق الشقة بينهما و يتم الخلط بين الحقيقة و الخيال فينتج عن ذلك اغتراب عن الواقع و تطبّع بطابع الآلة في برودها و ميكانيكيتها، حتى السرعة في تقديم المعلومة و يسر الحصول عليها ليس دائما ذا فائدة لأنه تعويد على الكسل و المجهود الأدنى و تعويد العقل على الجاهز و التعويل على الآلة التي صارت في مرونتها قريبة من مرونة العقل الإنساني.
لمتابعة العديد من المواضيع التعليمية لغة عربية لغة فرنسية لغة انجليزية شرح نصوص وتحضير الدروس وامتحانات لغة عربية من هنا